وأنت الخالص الذهب المصفى ... بتزكيتي ومثلي من يزكي
وهذا سر قول الصادق عليه الصلاة والسلام «أمتي كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة» وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا تمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا» فالحاصل أنه على العاقل المعتقد جهله بالعواقب وشمول قدرة ربه أن لا يثق بنفسه في شيء من الأشياء، ولا يزال يصفها بالعجز وإن ادعت خلاف ذلك، ويتبرأ من حوله وقوته إلى حول مولاه وقوته ولا ينفك يسأله العفو والعافية.
ولما علت هذه الآيات عن أقصى ما يعرفه البصراء البلغاء من الغايات، وتجاوزت إلى حد تعجز العقول عن مناله، وتضاءل نوافذ الأفهام عن الإتيان بشيء من مثاله، نبه سبحانه وتعالى على ذلك بقوله:{تلك} أي الآيات المعجزات لمن شمخت أنوفهم، وتعالت في مراتب الكبر هممهم ونفوسهم؛ والإشارة إلى ما ذكر في هذه السورة ولا سيما هذه القصة من أخبار بني إسرائيل والعبارة عن ذلك في هذه الأساليب الباهرة والأفانين المعجزة القاهرة {آيات الله} أي الذي علت عظمته وتمت قدرته وقوته، ولما كانت الجلالة من حيث إنها اسم للذات جامعة لصفات الكمال والجمال ونعوت الجلال