{نؤته} ونبه على أن العمل لذات الله من غير نظر إلى ثواب ولا عقاب أعلى فقال: {منها} أي وسنجزيه لشكره، وهو معنى قوله:{وسنجزي الشاكرين *} لكنه أظهر لتعليق الحكم بالوصف وعمم.
ولما ذكر سبحانه وتعالى هذه الجمل على هذا الوجه الذي بين فيه العلل، وأوضح بحال الزلل، وكان التقدير بعد انقضائها: فكأين من قوم أمرناهم بالجهاد، فكانوا على هذين القسمين، فأثبنا الطائع وعذبنا العاصي، ولم يضرنا ذلك شيئاً، ولا جرى شيء منه على غير مرادنا، عطف عليه يؤسيهم بطريق الصالحين من قبلهم ويسيلهم بأحوالهم قوله:{وكأين} وهي بمعنى كم، وفيها لغات كثيرة، قرىء منها في العشر بثنتين: الجمهور بفتح الهمزة بعد الكاف وتشديد الياء المكسورة، وابن كثير وأبو جعفر بألف ممدودة بعد الكاف وهمزة مكسورة، ولعلها أبلغ - لأنه عوض عن الحرف المحذوف - من المشهورة بالمد، والمد أوقع في النفس وأوقر في القلب؛ وفيها كلام كثير - في لغاتها ومعناها وقراءاتها المتواترة والشاذة وصلاً ووقفاً، ورسمها في مصحف الإمام عثمان بن عفان رضي الله عنه