للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال: إنما الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى عالمه» .

ولما كان التقدير: فمن أمر بشي من ذلك فنجواه خير، وله عليها أجر؛ عطف عليه قوله: {من يفعل ذلك} أي الأمر العظيم الذي أمر به من هذه الأشياء {ابتغاء مرضاة الله} الذي له صفات الكمال، لأن العمل لا يكون له روح إلا بالنية {فسوف نؤتيه} أي في الآخرة بوعد لا خلف فيه {أجراًَ عظيماً *} وهذه الآية من أعظم الدلائل على أن المطلوب من أعمال الظاهر رعاية أحوال القلب في إخلاص النية، وتصفية الداعية عن الالتفات إلى غرض دنيوي، فإن كان رياء انقلبت فصارت من أعظم المفاسد.

ولما رتب سبحانه وتعالى الثواب العظيم على الموافقة، رتب العقاب الشديد على المخالفة والمشاققة، ووكل المخالف إلى نفسه بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول} أي الكامل في الرسلية، فيكون بقلبه أو شيء من فعله في جهة غير جهته على وجه المقاهرة، وعبر بالمضارع رحمة منه سبحانه بتقييد الوعيد بالاستمرار، وأظهر القاف إشارة إلى تعليقه بالمجاهرة، ولأن السياق لأهل الأوثان وهم مجاهرون، وقد جاهر سارق الدرعين الذي كان سبباً لنزول الآية في آخر قصته - كما مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>