فقيل: نبهه أولاً على ما يصل به إلى رتبته ليزول حسده بأن {قال إنما يتقبل الله} أي يقبل قبولاً عظيماً المحيط لكل شيء قدرة وعلماً الملك الذي له الكمال كله، فليس هو محتاجاً إلى شيء، وكل شيء محتاج إليه {من المتقين *} أي العريقين في وصف التقوى، فلا معصية لهم يصرون عليها بشرك ولا غيره، فعدمُ تقبل قربانك من نفسك لا مني، فلم تقتلني؟ فقتلك لي مبعد لك عما حسدتني عليه.
ولما وعظه بما يمنعه من قتله ويقبل به على خلاص نفسه، أعلمه ثانياً أن الخوف من الله مَنَعَه من أن يمانعه عن نفسه مليناً لقلبه بما هو جدير أن يرده عنه خشية أن تجره الممانعة إلى تعدي الحد المأذون فيه، لأن أخاه كان عاصياً لا مشركاً، فقال مؤكداً بالقسم لأن مثل ما يخبر به عظيم لا يكاد يصدق:{لئن بسطت إليّ} أي خاصة {يدك لتقتلني} أي لتوجد ذلك بأيّ وجه كان، ثم بالغ في إعلامه بامتناعه من الممانعة فقال:{ما أنا} وأغرق في النفي فقال: {بباسط} أي أصلاً، وقدم المفعول به تعميماً، ثم خص المتعلق لمناسبة الحال فقال:{يدي إليك لأقتلك} أي في أيّ وقت من الأوقات، ولعله أتى بالجملة الاسمية المفيدة لنفي الثبات والدوام أدباً مع الله في عدم الحكم على