للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستقبل، ثم علله بقوله: {إني أخاف الله} أي أستحضر جميع ما أقدر على استحضاره من كماله، ثم وصفه بالإحسان إلى خلقه ليكون ذلك مانعاً له من الإساءة إلى أحد منهم فقال: {رب العالمين *} أي الذي أنعم عليهم بنعمة الإيجاد ثم التربية، فأنا لا أريد أن أخرب ما بنى، وهذا كما فعل عثمان رضي الله عنه.

ولما كان من النهايات للواصلين إلى حضرات القدس ومواطن الأنس بالله، المتمكنين في درجة الغناء عن غير الفاعل المختار أن لا يراد إلا ما يريد سبحانه، فإن كان طاعة أراده العبد ورضيه، وإن كان معصية أراده من حيث إنه مراد الله ولم يرضه لكونه معصية، فيرضى بالقضاء دون المقضي، وكأنه من الممكن القريب أن يكون هابيل قد كشف له عن أنه سبق في علم الله أن أخاه يقتله، قال مرهباً له معللاً بتعليل آخر صاد له أيضاً عن الإقدام على القتل: {إني أريد} أي بعدم الممانعة لك {أن تبوأ} أي ترجع من قتلي إن قتلتني {بإثمي} أي الإثم الذي ينالك من أجل قتلك لي، وبعقوبته الذي من جملته أنه يطرح عليك من سيئاتي بمقدار ما عليك من حقي إذا لم تجد ما ترضيني به من الحسنات {وإثمك} أي الذي لا سبب لي فيه، وهو الذي كان سبباً لرد قربانك واجترائك عليّ وعدوانك، وأفوز أنا بأجري وأجرك، أي

<<  <  ج: ص:  >  >>