بقوله على طريق الاستئناف والاستنتاج:{يا أيها الذين آمنوا} أي أعطوا من أنفسهم العهد على الإيمان الذي معناه قبول جميع ما جاء به مَنْ وقع به الإيمان {لا تسئلوا عن أشياء} وذلك لأنهم إذا كانوا على خطر فيما يسرعون وفيما به ينتفعون من المآكل والمشارب وغيرها من الأقوال والأفعال فهم مثله فيما عنه يسألون سواء سألوا شرعه أو لا، لأنه ربما أجابهم من لا يضره شيء إلى ما فيه ضررهم مما سألوه، فإنهم لا يحسنون التفرقة بين الخبيث والطيب كما فعل بأهل السبت حيث أبوا الجمعة وسألوه، فاشتد اعتناقها حينئذ بقوله:
{إن الله يحكم ما يريد}[المائدة: ١] وبقوله: {ما على الرسول إلا البلاغ}[المائدة: ٩٩] فكان كأنه قيل: فما بلغكم إياه فخذوه بقبول وحسن انقياد، وما لا فلا تسألوا عنه، وسببُ نزولها - كما في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه «أنهم سألوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحفوه بالمسألة، فغضب فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم - وشرح يكرر ذلك، وإذ جاء رجل كان إذا لاحى الرجال يدعى لغير أبيه فقال: يا رسول الله! من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر رضي الله عنه فقال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد