{وما اعتدينا} أي تعمدنا في يميننا مجاوزة الحق {إنا إذاً} أي إذا وقع منا اعتداء {لمن الظالمين *} أي الواضعين الشيء في غير موضعه كمن يمشي في الظلام، وهذا إشارة إلى أنهم على بصيرة ونور مما شهدوا به، وذلك أنه لما وجد الإناء الذي فقده أهل الميت وحلف الداريان بسببه أنهما ما خانا طالبوهما، فقالا: كنا اشتريناه منه، فقالوا: ألم نقل لكما: هل باع صاحبنا شيئاً؟ فقلتما: لا، فقالا: لم يكن عندنا بينة فكرهنا أن نقر لكم فرفعوا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر فقام اثنان من أقارب الميت فحلفا على الإناء، فدفعه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهما، لأن الوصيين ادعيا على الميت البيع فصار اليمين في جانب الورثة لأنهم أنكروا، وسمي أيمان الفريقين شهادة كما سميت أيمان المتلاعنين شهادة - نبه على ذلك الشافعي، وكان ذلك لما في البابين من مزيد التأكيد.
ولما تم هذا على هذا الوجه الغريب، بين سبحانه سرَّه فقال:{ذلك} أي الأمر المحكم المرتب هذا الترتيب بالأيمان وغيرها {أدنى} أي أقرب {أن} أي إلى أن {يأتوا} أي الذين شهدوا أولاً {بالشهادة} أي الواقعة في نفس الأمر {على وجهها} من غير أدنى ميل بسبب أن يخافوا من الحنث عند الله بعد هذا التغليظ {أو يخافوا} إن لم يمنعهم الخوف من الله {أن ترد} أي تثنى وتعاد