{أيمان} أي من الورثة {بعد أيمانهم} للعثور على ريبة فيصيروا بافتضاحهم مثلاً للناس، قال الشافعي: وليس في هذا رد اليمين، فما كانت يمين الداريين على ما ادعى الورثة من الخيانة، ويمين ورثة الميت على ما ادعى الداريان مما وجد في أيديهما وأقرا أنه مال الميت وأنه صار لهما من قِبَله، فلم تقبل دعواهما بلا بينة، فأحلف وارثاه، قال: وإذا كان هذا كما وصفت فليست الآية ناسخة ولا منسوخة لأمر الله بإشهاد ذوي عدل ومن نرضى من الشهداء، هذا ما اقتضى إيلاؤها لما قبلها، وقد نزعها إلى مجموع هذه السورة مَنازع منها ما تقدم من ذكر القتل الذي هو من أنواع الموت عند قصة بني آدم وما بعدها، ثم تعقيب ذلك بالجهاد الذي هو من أسباب الموت، وقوله تعالى:
{وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}[المائدة: ٤٥] ، ثم ذكره أيضاً في قوله تعالى:{يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}[المائدة: ٥٤] وقد جرت السنة الإلهية بذكر الوصية عقب مثل ذلك في البقرة، ولم يذكر عقب واحدة من الآيات المذكورة لزيادتها على آية البقرة بمنازع منها الحلف، فناسب كونها بعد آية الأيمان، ومنها تغليظ الحلف والخروج به عما يشاكله من القسم على المال بكونه في زمان مخصوص بعد عبادة مخصوصة، فناسب ذكرها بعد تغليظ أمر الصيد في حال مخصوص وهو الإحرام والخروج به عن أشكاله من الأحوال وبعد تغليظ جزائه والخروج به عن أشكاله من الكفارات وتغليظ أمر المكان المخصوص وهو الكعبة والخروج