للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان قد قيل: هذا النظر والاعتبار بالهام، لا نظر من أخلد إلى الأرض فعمد الضياء والظلام، وينبغي أن يعتمد في قصة إبراهيم عليه السلام في هذا الاعتبار أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: {هذا ربي} إنما قصد قطع حجة من عبد شيئاً من ذلك إذ كان دين قومه، فبسط لهم الاعتبار والدلالة، وأخذ يعرض ما قد تنزه قدرُه عن الميل إليه، فهو كما يقول المناظر لمن يناظره: هب أن هذا على ما تقول.

يريد بذلك إذعان خصمه واستدعاءه للاعتبار حتى يكون غير مناظر له ما لا يعتقده، ليبني على ذلك مقصوده ليقلع خصمه وهو على يقين من أمره، فهذا ما ينبغي أن يعتمد هنا لقول يوسف عليه السلام {ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء} [يوسف: ٣٨] ، فالعصمة قد اكتنفتهم عما يتوهمه المبطلون ويتقوله المفترون، ويشهد لما قلناه قوله تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} [الأنعام: ٨٣] فهذه حال من علت درجته من الذين يسمعون، فمن الخلق من جعله الله سامعاً بأول وهلة وهذا مثال شاف في ذلك، ومنهم الميت، والموتى على ضربين: منهم من يزاح عن جهله وعمهه، ومنهم من يبقى في ظلماته ميتاً لا حراك به، يبين ذلك قوله تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له

<<  <  ج: ص:  >  >>