نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} [الأنعام: ١٢٢] ؛ ولما كانت السورة متضمنة جهات الاعتبار ومحركة إلى النظر ومعلنة من مجموع آيها أن المعتبر والمتأمل - وإن لم يكن متيقظاً بأول وهلة، ولا سامعاً أول محرك، ولا مستجيباً لأول سامع - قد ينتقل حاله عن جموده وغفلته إلى أن يسمع ويلحق بمن كان يتيقظ في أول وهلة؛ ناسب تحريكُ العباد وأمرهم بالنظر أن تقع الإشارة في صدر السورة إلى حالتين: حالة السامعين لأول وهلة، وحالة السامعين في ثاني حال، فقيل:{إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله}[الأنعام: ٣٦] ولم تقع هنا إشارة إلى القسم الثالث مع العلم به، وهو الباقي على هموده وموته ممن لم يحركه زاجر ولا واعظ ولا اعتبار، ولأن هذا الضرب لو ذكر هنا لكان فيه ما يكسل من ضعفت همته، رجعت حالةُ ابتدائه، فقيل:{والموتى يبعثهم الله} وأطلق ليعمل الكل على هذا البعث من الجهل والتيقظ من سِنة الغفلة كما دعا لكل إلى الله دعاء واحداً فقيل: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} ثم اختلفوا في إجابة الداعي بحسب السوابق هكذا، وردّ هذا {والموتى يبعثهم الله} إسماعاً للكل، وفي صورة التساوي مناسبة للدعاء لتقوم الحجة على العباد، حتى إذا انبسطت الدلائل وانشرحت الصدور لتلقيها وتشبثت النفوس