رجائهم فقال:{ونرد} أي برجوعنا إلى الشرك، وبناه للمفعول لأن المنكر الرد نفسه من أيّ راد كان {على أعقابنا} أي فنأخذ في الوجه المخالف لقصدنا فنصير كل وقت في خسارة بالبعد عن المقصود {بعد إذ هدانا الله} أي الذي لا خير إلا وهو عنده ولا ضر إلا وهو قادر عليه، إلى التوجه نحو المقصد، ووفقنا له وأنقذنا من الشرك.
ولما صور حالهم، مثَّلَه فقال:{كالذي} أي نرد من علو القرب إلى المقصود إلى سفول البعد عنه رداً كرد الذي {استهوته} أي طلبت مزوله عن درجته {الشياطين} فأنزلته عن أفق مقصده إلى حضيض معطبه، شبه حاله بحال من سقط من عال في مهواة مظلمة فهو في حال هويه في غاية الاضطراب وتحقق التلف والعمى عن الخلاص {في الأرض} حال كونه {حيران} تائهاً ضالاً لا يهتدي لوجهه ولا يدري كيف يسلك ثم استأنف قوله: {له} أي هذا الذي هوى {أصحاب} أي عدة، ولكنه لتمكن الحيرة منه لا يقبل {يدعونه إلى الهدى} وبين دعاءهم بقوله: {ائتنا} وهو قد اعتسف المهمة تابعاً للشياطين، لا يجيبهم ولا يأتيهم لأنه قد غلب على نفسه، وحيل بينه وبين العبر والنزوان.