من نسب مَلِكاً تام الملك إلى أنه لم يُثبِت أوامره في رعيته بما يرضيه ليفعلوه وما يسخطه ليجتنبوه، فقد نسبه إلى نقص عظيم، فكيف إذا كانت تلك النسبة كذباً! وهذا وإن كان ما قاله إلا بعض العالمين بل بعض أهل الكتاب الذين هم بعض العالمين، أسند إلى الكل، لأنهم لم يردوا على قائله ولم يعاجلوه بالأخذ تفظيعاً للشأن وتهويلاً للأمر، وبياناً لأنه يجب على كل من سمع بآية من آيات الله أن يسعى إليها ويتعرف أمرها، فإذا تحققه فمن طعن فيها أخذ على يده بما يصل إليه قدرته، كما أنه كذلك كان يفعل لو كان ذلك ناشئاً عن أبيه أو أحد ممن يكون فخره به من أبناء الدنيا، وفي ذلك أتم إشارة إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عماد الأمور كلها، من فرّط فيه هلك وأهلك؛ روى الواحدي في أسباب النزول بغير سند عن ابن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن كعب القرظي أن اليهود قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء، فأنزل الله تعالى - يعني هذه الآية، فقال مشيراً إلى أن اليهود قائلو ذلك، وملزماً بالاعتراف بالكذب أو المساواة للأميين في التمسك بالهوى دون كتاب، موبخاً لهم ناعياً عليهم سوء جهلهم وعظيم بهتهم وشدة وقاحتهم وعدم حيائهم:{قل} أي لهؤلاء السفهاء الذين تجرؤوا على هذه المقالة غير ناظرين في عاقبتها وما يلزم منها توبيخاً لهم وتوقيفاً على