من حياة، قال:{فمستقر *} أي فسبب عن ذلك أنه منكم مستقر على الأرض - هذا على قراءة ابن كثير وابن عمر وبكسر القاف اسم فاعل، والمعنى في قراءة الباقين بفتحه اسم مكان {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}[البقرة: ٢٦] .
ولما كان من في البرزخ قد كشف عنهم الغطاء فهم موقنون بالساعة غير عاملين على ضد ذلك، وكذا من في الصلب والرحم، عبر بما يدل على عدم الاستقرار فقال:{ومستودع} أي في الأصلاب أو الأرحام أو في بطن الأرض، فدلت المفاوتة من كل منهما - مع أن الكل من نفس واحدة - على القادر المختار، لا يقدر غيره أن يعكس شيئاً من ذلك، وكل ذلك مضمون الآيتين في أول السورة، وقدم الإصباح والليل ومتعلقهما لتقدمهما في الخلق، ثم تلاه بخلق الإنسان على حسب ما مرّ أول السورة، وذكر هنا أنه جعل ذلك الطين نفساً واحدة فرّع الإنس كلهم منها مع تفاوتهم فيما هناك وفي غيره.
ولما ذكر هذا المفرد الجامع، وفصّله على هذه الوجوه المعجبة، كان محلاً لتوقع التنبيه عليه فقال:{قد فصلنا} أي بعظمتنا {الآيات} أي أكثرنا بيانها في هذا المفرد الجامع في أطوار الخلقة وأدوار الصنعة، تارة بأن يكون من التراب بشر، وأخرى بأن يخرج الأنثى من الذكر،