فكانوا بذلك المانعين الحق عن أهله، ومانحين ما خولهم فيه من له الملك لما لا يملك ضراً ولا نفعاً، وتاركين بعض ما أنعم عليهم به صاحب الحق رعاية لمن لا حق له ولا حرمة، وكانت سنة الله تعالى قد جرت بأنه يذكر نفسه الشريفة بالوحدانية. ويستدل على ذلك بخلق السماوات والأرض وما أودع فيهما لنا من المنافع وما أبدع من المرافق والمصانع، ثم يعجب ممن أشرك به، ثم يأمر بالأكل مما خلق تذكيراً بالنعمة، ليكون ذلك داعية لكل ذي لب إلى شكره، كما قال تعالى في البقرة عقب {وإلهكم إله واحد}{إن في خلق السماوات والأرض}[البقرة: ١٦٤] ثم قال {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً}[البقرة: ١٦٥] ثم قال {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً}[البقرة: ١٦٨] ؛ أجرى هذه السنة الجليلة في هذه السورة أيضاً، فقال:{إن الله فالق الحب والنوى}[الأنعام: ٩٥] بعد {إني وجهت وجهي للذي فطر}[الأنعام: ٧٩] ثم {وجعلوا لله شركاء الجن}[الأنعام: ١٠٠] ودل على أنه لا شريك له في مِلكه ولا مُلكه، وختم بأنه لا حكم سواه ينازعه في حكمه أو يباريه في شيء من أمره، وبين أن من آيها الهداية التي جعلها شرطاً لعدم ضرر يلحق من دين أهل الشرك؛ فسبب عن جميع ما ذكرت قوله:{فكلوا مما ذكر} أي وقت الذبح {اسم الله} أي الملك الذي له