الإحاطة الكاملة فله كل شيء {عليه} أي كأن قائلاً لذلك سواء ذكر بالفعل أولا، وعدل عن التعبير بما جعلته المراد ليفهم أن الذكر بالفعل مندوب إليه، ولا يكونوا ممن بنى دينه على اتباع الأهوية والظنون الكاذبة، فكأنه قيل: اتبعوا من يعرف الحق لأهله فإنه مهتد غير معرجين على غيره فإنه ضال، والله أعلم بالفريقين، فكونوا من المهتدين، فكلوا مما خلق الله لكم حلالاً شاكرين لنعمته، وإنما أطال هنا دون البقرة ما بين الجمل الكلام تقريراً لمضامينها وما يستتبعه واحتجاجاً على جميع ذلك لأنها سورة التفصيل، وأتى بالذكر والمراد قبول المأكول له، أي كلوا مما يقبل أن يسمى عليه على مقتضى ما شرعه، وذلك هو الذي أحله من الحيوان وغيره سواء كان مما جعلوه لأوثانهم أولا، دون ما مات من الحيوان حتف أنفه، أو ذكر عليه اسم غير الله أو كان مما حرم أكله وإن ذبح وذكر عليه اسم الله، فإنه لا يقبل التحليل بالتسمية، فالتسمية في غير موضعها، لورود النصوص بالتحريم، ولا تتبعوا المشركين في منعهم أنفسهم من خير مما خلق الله لهم من الحرث والأنعام بتسميتهم إياه لآلهتهم التي لا غناء عندها، ويكون ذلك حثاً على التسمية على جميع المأكول الحلال، فتكون الآية كآية البقرة بزيادة.
ولما كان هذا الأمر لا يقبله إلا من زال دين الشرك وجميع توابعه من قبله؛ قال:{إن كنتم} أي بما لكم من الجِِبِلَّة الصالحة {بآياته}