وخرّج أبو الحسن وجهاً آخر أنها تحل لأن المسلم يذبح لله ولا يعتقد في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يعتقده النصراني في عيسى عليه السلام.
قال: وإذا ذبح للصنم لم تؤكل ذبيحته سواء كان الذابح مسلماً أو نصرانياً، وفي تعليقه للشيخ إبراهيم المروزي أن ما يذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه لأنه مما أهل به لغير الله، واعلم أن الذبح للمعبود باسمه نازل منزلة السجود له. وكل واحد منهما نوع من أنواع التعظيم، العبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفراً كمن سجد لغيره سجدة عبادة، وكذا لو ذبح له ولغيره على هذا الوجه، فأما إذا ذبح لغيره لا على هذا الوجه - بأن ضحى أو ذبح للكعبة تعظيماً لها لأنها بيت الله تعالى أو لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا لا يجوز أن يمنع حل الذبيحة، وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل: أهديت للحرم أو للكعبة، ومن هذا القبيل الذبح عند استقبال السلطان، فإنه استبشار بقدومه نازل منزلة ذبح العقيقة لولادة المولود، ومثل هذا لا يوجب الكفر، وكذا السجود لغير الله تذللاً وخضوعاً، فعلى هذا إذا قال الذابح: بسم الله واسم محمد، وأراد: أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد، فينبغي أن لا يحرم، وقول من قال: لا يجوز ذلك، يمكن أن يحمل على أن اللفظ مكروه، لأن المكروه يصح نفي الجواز والإباحة المطلقة عنه، وحكى الرافعي أنه وقعت في هذا منازعة بين أهل قزوين أفضت إلى فتنة في أنه تحل ذبيحته وهل يكفر