عن الأرض تلفت، فما ذلك لطبيعة ولا غيرها وإلاّ لاستوت الجنات كلها لأن نسبتها إلى السماء والأرض واحدة، فما اختلف إلا بفاعل مختار واحد لا شريك له، لا يكون إلا ما يريد.
ولما ذكر الجنات الجامعة، خص أفضلها وأدلها على الفعل بالاختيار، وبدأ بأشهرها عند المخاطبين بهذه الآيات فقال:{والنخل} أي وأنشأ النخل {والزرع} حال كونه {مختلفاً أكله} أي أكل أحد النوعين، وهو ثمره الذي يؤكل بالنسبة إلى الآخر، وأكل كل نوع بالنسبة إلى الأشجار وغيرها في الحمل والطعم وغيره، بل ويوجد في العذق الواحد الاختلاف، وأما اختلاف مقداره بكون هذا في غاية الطول وهذا في غاية القصر فأمر واضح جداً {والزيتون والرمان} .
ولما كان معظم القصد في هذا السياق نفي الشريك وإثبات الفعل بالاختيار، لم يدع الحال إلى ذكر كمال الشبه فاكتفى بأصل الفعل فقيل:{متشابهاً} أي كذلك {وغير متشابه} أي في اللون والطعم والفساد وعدمه والتفكه والاقتيات والدهن والماء - إلى غير ذلك من أحوال وكيفيات لا يحيط بها حق الإحاطة إلا بارئها سبحانه وعز شأنه، ولعله جمع الأولين لأن كلاًّ منهما يدخر للاقتيات ولا يسرع فساده مع المفارقة في الشكل، والاختلاف في النوع بالشجر والنجم، والتفاوت العظيم في المقدار، والأخيرين لأن الأول لا يفسد بوجه، والثاني يسرع