فساده، ويدخر كل منهما على غير الهيئة التي يدخر عليها الآخر مع كونهما من الأشجار وتقاربهما في المقدار وتفاوت ثمرتهما في الشكل والقدر وغير ذلك.
ولما كان قوله {وهو الذي أنزل من السماء ماء}[الأنعام: ٩٩] في سياق الاستدلال على أنه لا فاعل إلا الله، أمر فيه بالنظر إلى الثمر والينع ليعتبر بحالهما، وكانت هذه الآية في سياق التعنيف لمن حرم ما رزقه الله والأمر بالأكل من حلال ما أنعم به والنهي عن تركه تديناً فقال تعالى هنا:{كلوا} وقدم الأولى المستدل بها على وجود البارئ وتفرده بالأمر لأن اعتقاد ذلك سعادة روحانية أبدية؛ وقال أبو حيان في النهر: لما كان مجيء تلك الآية في معرض الاستدلال بها على الصانع وقدرته والحشر وإعادة الأرواح إلى الأجساد بعد العدم وإبراز الجسد وتكوينه من العظم الرميم وهو عجب الذنب، قال {انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه}[الأنعام: ٩٩] إشارة إلى الإيجاد أولاً وإلى غايته، وهنا لما كان في معرض الامتنان وإظهار الإحسان بما خلق لنا قال: كلوا، ودل على أن الرزق أكثر من خلقه بقوله:{من ثمره} ، ولما كان هذا الأمر للإباحة لا للارادة، قيده لئلا يقتضي إيجاد الثمر في كل جنة في كل وقت فقال:{إذا أثمر} فحصل بمجموعها الحياة الأبدية والحياة