متوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس عليه السلام، وكان عند الإرسال ابن خمسين سنة.
ولما كان إرساله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل القبائل باختلاف اللغات قال:{إلى قومه} أي الذين كانوا ملء الأرض كما في حديث الشفاعة في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه، ائتوا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض. وفيهم من القوة على القيام بما يريدون ما لا يخفي على من تأمل آثارهم وعرف أخبارهم، فإن كانت آثارهم فقد حصل المراد، وإن كانت لمن بعدهم علم - بحكم قياس الاستقرار - أنهم أقوى على مثلها وأعلى منها، ولسوق ذلك دليلاً على ما ذكر جاء مجرداً عن أدوات العطف، وهو مع ذلك كله منبه على أن جميع الرسل متطابقون على الدعوة إلى ما دل عليه برهان {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض}[الأعراف: ٥٤] من التوحيد والصلاح إلى غير ذلك من بحور الدلائل والحجاج المتلاطمة الأمواج - والله الهادي إلى سبيل الرشاد، وكون نوح عليه السلام رسولاً إلى جميع أهل الأرض - لأنهم قومه لوحده لسانهم - لا يقدح في تخصيص نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعموم الرسالة، لأن معنى العموم إرساله إلى جميع الأقوام المختلفة باختلاف الألسن وإلى جميع من ينوس من الإنس والجن والملائكة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الصافات لهذا مزيد بيان.
ولما كان من المقاصد العظيمة الإعلام بأن الذي دعا إليه هذا