يذهب كل من سمعه منهم إلى مكان لا يعرف فيه ستراً لحاله، فيا ليت شعري ما كان حالهم عنده! فقيل: كان كأنهم أجابوه بوقاحة عظيمة وفجور زائد على الحد، فما كان جوابهم إلا أذى لوط عليه السلام وآله بما استحقوا منهم به شديد الإنذار الذي هو مقصود السورة، عطف عليه قوله:{وما كان جواب قومه} أي الذين هم أهل قوة شديدة وعزم عظيم وقدرة على القيام بما يحاولونه {إلا أن قالوا} .
ولما كان المقصود بيان أنهم أسرعوا إجابته بما ينكيه أضمر ما لا يشكل بالإضمار، أو أنه لما كان السياق لبيان الخبيث بين أنه لا أخبث من هؤلاء الذين بلغ من رذالتهم أنهم عدوا الطاهرين المتطهرين مما يصان اللسان عن ذكره فقال تعالى مشيراً إلى ذلك في حكاية قولهم:{أخرجوهم} أي المحدث عنهم، وهم لوط ومن انضم إليه {من قريتكم} والمراد ببيان الإسراع في هذا تسلية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رد قومه لكلامه لئلا يكون في صدره حرج من إنذارهم، ثم عللوا إخراجهم بقولهم:{إنهم أناس} أي ضعفاء {يتطهرون*} وكأنهم قصدوا بالتفعل نسبتهم إلى محبة هذا الفعل القبيح، وأن تركهم له إنما هو تصنع وتكليف لنفوسهم بردها عما هي مائلة إليه، وإقبال على الطهر من غير وجهة وإظهار له رياء بما أشار إليه إظهار تاء