التفعيل، وفيه مع ذلك حرف من السخرية، وحصر جوابهم في هذا المعنى المؤدي بهذا اللفظ لا ينافي آية العنكبوت القائلة {فما كان جواب قومه إلا قالوا ائتنا بعذاب الله}[العنكبوت: ٢٩] ، لأن إطلاق الجواب على هذا يجوز، والمعنى: فما كان قولهم في جوابه إلا إتيانهم بما لا يصلح جواباً، وذلك مضمون هذا القول وغيره مما لا يتعلق بالجواب، أو أن هذا الجواب لما كان - لما فيه من التكذيب والإيذان بالإصرار والإغلاظ لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مستلزماً للعذب، كانوا كأنهم نطقوا به فقالوا {ائتنا بعذاب الله} ، جعل نطقهم بالسبب نطقاً بالمسبب، أو أنهم استعملوا لكل مقام مقالاً، ويؤيده أن المعنى لما اتحد هنا وفي النمل حصر الجواب في هذا، أي فما كان جوابهم لهذا القول إلا هذا؛ ولما زادهم في العنكبوت في التقريع فقال:{أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر}[العنكبوت: ٢٩] أتوه بأبلغ من هذا تكذيباً واستهزاء فقالوا {ائتنا بعذاب الله} - الآية.
ولما تسبب عن عنادهم إهلاكهم وإنجاؤه، وكان الإعلام بإنجائه - مع كونه يفهم إهلاكهم - أهم، قال:{فأنجيناه وأهله} أي من أطاعه {إلا امرأته} ولما كان كأنه قيل: ما لها؟ قال:{كانت من الغابرين*} أي الباقين الذين لحقتهم بالعذاب العبرة والتذكير إشارة إلى أنها أصابها مثل عذاب الرجال سواء، لم تنقص عنهم لأنها كانت كافرة مثلهم.