ولما أفهم هذا إهلاكهم، بينه دالاً على نوعه بقوله:{وأمطرنا} أي حجارة الكبريت بعد أن قلعت مدائنهم ورفعت وقلبت حتى رجم بها مسافروهم وشذابهم لأنه عذاب الاستئصال عمن لا يعجزه شيء؛ وأوضحه بقصره الفعل وتعديته بحرف الاستعلاء فقال:{عليهم} وأكد كونه من السماء لا من سطح أو جبل ونحوه بقوله: {مطراً} وأشار إلى عظمه مزيلاً للبس أصلاً بما سبب عنه من قوله: {فانظر كيف كان عاقبة} أي آخر أمر {المجرمين -*} وأظهر موضع الإضمار تعليقاً للحكم بوصف القطع لما حقه الوصل بوصل ما حقه القطع من فاحش المعصية دليلاً على أن الرجم جزاء من فعل هذا الفعل بشرطه، لأن الحكم يدور مع العلة، وسياتي في سورة هود عليه السلام سياق قصتهم من التوراة بعد أن مضى في البقرة عند {إذ قال له ربه أسلم}[البقرة: ١٣١] أوائل أمرهم، وهذا كما سومت الحجارة لقريش - لما أجمعوا أن يرجعوا بعد توجههم عن غزوة أحد من الطريق - ليفزعوا من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه على زعمهم، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «والذي نفسي بيده! لقد سومت لهم الحجارة، ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب» ولكنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان رسول رحمة لم يقض الله برجوعهم فمضوا حتى أسلم بعد ذلك كثير منهم، وكما أمطر الله الحجارة على أصحاب الفيل سنة مولده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حماية لبلده ببركته.