الثلاثين في الميقات الأول سبباً لاتخاذهم العجل، ويجوز حينئذ أن يراد بفعل السفهاء اتخاذ العجل، ويؤيده التعبير بالفعل دون القول وقد تقدم نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ولما كان قوله هذا ربما أفهم رضاه بهلاك المذنبين، قال معرضاً بالسؤال في العفو عن الجميع:{إن هي} أي الفتنة التي أوقعها السفهاء {إلا فتنتك} أي ابتلاؤك واختبارك {تضل بها من تشاء} أي تظهر في عالم الشهادة من ضلاله ما كان معلوماً لك في عالم الغيب {وتهدي من تشاء} أي تظهر ما في علمك من ذلك.
ولما أثبت أن الكل بيده، استأنف سؤاله في أن يفعل لهم الأصلح فقال:{أنت} أي وحدك {ولينا} أي نعتقد أنه لا يقدر على عمل مصالحنا غيرك، وأنت لا نفع لك في شيء من الأمرين ولا ضر، بل الكل بالنسبة إليك على حد سواء، ونحن على بصيرة من أن افعالك لا تعلل بالأغراض، وعفوك عنا ينفعنا وانتقامك منا يضرنا، ونحن في حضرتك قد انقطعنا إليك وحططنا رحال افتقارنا لديك.
ولما اثبت أنه الفعال لما يشاء وأنه لا ولي لهم غيره، وكان من شأن الولي جلب النفع ودفع الضر، سبب عن كونه الولي وحده قوله بادئاً بدفع الضرر:{فاغفر لنا} أي امح ذنوبنا {وارحمنا} أي ارفعنا؛ ولما كان التقدير: فأنت خير الراحمين، عطف عليه قوله:{وأنت خير الغافرين*}