للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي لأن غيرك يتجاوز عن الذنب للثناء أو الثواب أو دفعاً للصفة الخسيسة وهي صفة الحقد ونحوه، وأنت منزه عن ذلك، وكأنه أحسن العفو عنهم فقال عاطفاً على سؤاله فيه: {واكتب لنا} أي في مدة إحيائك لنا {في هذه الدنيا} أي الحاضرة والدنية {حسنة} أي عيشة راضية طيبة {وفي} الحياة {الآخرة} أي كذلك؛ ثم علل ذلك بقوله: {إنا هدنا} أي تبنا {إليك} أي عما لا يليق بجنابك كما أمرتنا أن نخبر ما عساه يقع منا بالمبادرة إلى التوبة، فبدأ بذكر عزة الربوبية وثنى بذلة العبودية وهما أقوى أسباب السعادة، وهذا تلقين لهم وتعليم وتحذير من مثل ما وقعوا فيه وحث على التسليم، وكأنه لما كان ذنبهم الجهر بما لا يليق به سبحانه من طلب الرؤية، عبر بهذا اللفظ أو ما يدل على معناه تنبيهاً لهم على أن اسمهم يدل على التوبة والرجوع إلى الحق والصيرورة إلى الصلاح واللين والضعف في الصوت والاستكانة في الكلام والسكوت عما لا يليق، وأن يهودا الذي أخذ اسمه من ذلك إنما سموا به ونسبوا إليه تفاؤلاً لهم ليتبادروا إلى التوبة.

ولما كان في كلامه عليه السلام إنكار إهلاك الطائع بذنب العاصي وإن كان ذلك إنما كان على سبيل الاستعطاف منه والتملق مع العلم بأنه عدل منه تعالى وله أن يفعل ما يشاء بدليل قوله {ولو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} [الأعراف: ١٥٥] استأنف سبحانه الإخبار عن الجواب عن كلامه على وجه منبه للجماهير على أن له التصرف المطلق بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>