وأطلق ذلك في كل حال لأنه ربما فهم فاهم الاقتصار على ذكر في حالة النزغ، ورقي الخطاب منهم إلى إمامهم ليكون أدعى لقبولهم مع الإشارة إلى أنه لا يكاد يقوم بهذا الأمر حق قيامه غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:{واذكر} أي بكل ذكر من القرآن وغيره - {ربك} أي الذي بلغ الغاية في الإحسان إليك {في نفسك} أي ذكراً يكون راسخاً فيك مظروفاً لك لفهمك لمعانيه وتخلقك بما فيه، وليكن سراً لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص وأعون على التفكر، وكونه سراً دال على أشرف الأحوال، وهو المراقبة مع تحقق القرب، فإذا كان كذلك أثمر قوله:{تضرعاً} أي حال كونك ذا تضرع بالظاهر {وخيفة} أي لتدعو المخافة إلى تذلل قبلك لتجمع بين تضرع السر والعلن، وبهذا يكمل ذل العبودية لعز الربوبية.
ولما أمر بالسر، قال مقابلاً له:{ودون الجهر} أي لأنه أدخل في الإخلاص، ومن المعلوم أنه فوق السر، وإلا لم تفد الجملة شيئاً، ولما كان الجهر قد يكون في الأفعال، أكده بقوله:{من القول} أي فإن ذلك يشعر بالتذلل والخضوع من غير صياح كما يناجي الملوك ويستجلب منهم الرغائب، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصحابة وقد جهروا بالدعاء فوق المقدار