المقصود حصول الذكر اللساني ليعين الذكر القلبي، والمقصود حاصل بإسماع النفس فإنه يتأثر الخيال فيتقوى الذكر القلبي، ولا تزال الأنوار تتزايد فينعكس تراجع بعضها إلى بعض حتى يزداد الترقي من ظلمات عالم الأجسام إلى أنوار مدبر النور والظلام.
ولما أمر بالذكر مكيفاً بكيفيته اللائقة به، أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمداومة عليه ذاكراً أحسن الأوقات له وأحقها به، لكونها لما فيها من الشغل - أدل على إيثارة لمزيد المحبة والتعظيم فقال:{بالغدو} أي أوقات البكر، ولعله أفرده على جعله مصدر غداً، لأنه ما ثم إلا صلاة الصبح، وجمع ما بعده للعصرين والمغرب فقال:{والآصال} أي أوقات العشاء، وقيل: الغدو وجمع غدوة، فيراد حينئذ مع الصبح الضحى، وآخر كل نهار متصل بأول ليلة اليوم الثاني فسمي آخر اليوم أصيلاً لأنه يتصل بما هو أصل اليوم الثاني، وخص هذين الوقتين وإن كان المراد الدوام بتسمية كل من اليوم والليل باسم جزئه، ليذكر بالغدو الانتشار من الموت، وبالأصيل السكون بالموت والرجوع إلى حال العدم فيستحضر بذلك جلال الله عز وجل فيكون ذلك حاوياً على تعظيمه حق تعظيمه.
ولما كان ربما أوهم هذا الخصوص بهذين الوقتين وإن ظاهراً في