إلى الحق، وأسرعهم نكوصاً عند الإقدام بعد جهد عليه، وألكنهم عند الجدال له، فصار ما كان مقدراً مفروضاً حاصلاً وموجوداً، وكلمة {لو} هنا يحتمل أن تكون هي التي يعلق بها أمر على آخر هو بضده أولى فيكون المراد أن المعلق.
وهو الثاني - موجود دائماً مثل قول عمر رضي الله عنه: نعم العبد صهيب رضي الله عنه! لو لم يخف الله لم يعصه، فالمراد هنا على هذا أنهم إذا كانوا يتولون مع الإسماع والإجابة، فتوليهم مع عدمهما أولى - نبه على ذلك الرازي، ويحتمل أن يكون على بابها من أن الجزءين بعدها منفيان، وانتفاء التولي إنما يكون خيراً إذا نشأ عن الإسماع المترتب على علم الخير فيهم، وأما عدمه لعدم إسماعهم الإسماع الموصوف لأنه لا خير فيهم فليس من الخير في شيء بل هو شر مخص، التولي المنفي عنهم ليس هو الموجود منهم، بل هو الناشىء عن الإسماع الموصوف فلا يناقض ادعاؤه تحقق عنادهم وعدم انقيادهم، وتحقيقه أن المنفي إنما هو زيادة التولي الناشئة عن الإسماع، فالمعنى: ولو أسمعهم لزادوا إعراضاً، فالمنفي في هذا السياق تلك الزيادة - والله الموفق.