وكان حسن الإسلام يضرب المثل بعقله، ورأيت اليهود في غاية النكاية منه، وأراني بعضهم رسالة إليه لبعض أحبارهم يسفه فيها رأيه في إسلامه ويشبه عليه بأشياء خطابيه وشعرية، فأجابه بجواب بديع افتتحه بقوله تعالى:
{سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}[البقرة: ١٤٢] ثم رد كلامه أحسن رد ثم قال له ما حاصله: دع عنك مثل هذه الخرافات، وأجب عن الأمور التي ألزمتكم بها في كتاب غاية المقصود، فما أحار جواباً، ثم القائل لهذا القول منهم روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم أربعة، وقيل: قائله واحد وأسند إلى الكل كما يقال: فلان يركب الخيول وقد لا يكون له إلا فرس واحد، وهو كقوله تعالى {الذين قال لهم الناس}[آل عمران: ١٧٣] وقيل: كان فاشياً فيهم فلما عابهم الله به تركوه وهم الآن ينكرونه، والله تعالى أصدق حديثاً {وقالت النصارى} أي منهم إفكاً وعدواناً {المسيح} وأخبروا عنه بقولهم: {ابن الله} أي مع أن له الغنى المطلق والكمال الأعظم، والمسيح هذا هو ابن الله مريم بنت عمران؛ ثم استأنف قوله مترجماً قولي فريقيهم:{ذلك} أي القول البعيد من العقول المكذب للنقول {قولهم بأفواههم} أي حقيقة لم يحتشموا من قوله مع