سخافته، وهو مع ذلك قول لا تجاوز حقيقته الأفواه إلى العقول لأنه لا يتصوره عاقل، بل هو قول مهمل كأصوات الحيوانات العجم لا يتحقق له المعنى؛ قال: ومعناه الحال أن قائله لا عقل له، ليس له معنى وراء ذلك، ولبعده عن أن يكون مقصوداً لعاقل عبر فيه بالأفواه التي هي أبعد من الألسنة إلى القلوب.
ولما كان كأنه قيل: فما لهم إذا كان هذا حالهم قالوه؟ قال ما حاصلة: إنهم قوم مطبوعون على التشبه بمن يفعل المفاسد كما أنهم تشبهوا بعبدة الأوثان، فعبدوها غير مرة والأنبياء بين أظهرهم يدعونهم إلى الله وكتابهم ينادي بمثل ذلك وينذرهم أشد الإنذار {يضاهئون} أي حال كونهم يشابهون بقولهم هذا {قول الذين كفروا} أي بمثله وهو العرب حيث قالوا: الملائكة بنات الله، كما أنهم لما رأوا الذين يعكفون على أصنام لهم قالوا:{يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} .
ولما كان لا يمتنع أن يكون الذين شابهوهم إنما كانوا بعدهم أو في زمانهم من قبل أن يبين فساد قولهم، نفى ذلك بقوله مشيراً بحرف الجر إلى أن كفرهم لم يستغرق زمن القبل:{من قبل} أي من قبل أن يحدث منهم هذا القول، وهذا دليل على أن العرب غيروا دين إسماعيل عليه السلام، اجترؤوا على مثل هذا القول قبل إيقاع بخت نصر باليهود