للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشرف في الدنيا فهو لكل من آمن به فقال: {لقد جاءكم رسول} .

ولما كان الرسول يجب إكرامه والوقوف في خدمته لأجل مرسله ولو تجرد عن غير ذلك الوصف، شرع يذكر لهم من أوصافه ما يقتضي لهم مزيد إكرامه فقال: {من أنفسكم} أي ترجعون معه إلى نفس واحدة بأنكم لأب قريب، وذلك أقرب إلى الألفة وأسرع إلى فهم الحجة وأبعد من المحل واللجاجة {عزيز} أي شديد جداً {عليه ما عنتم} والعزة: امتناع الشيء بما يتعذر معه ما يحاول منه بالقدرة أو بالقلة أو بالصعوبة، والعنت: لحاق الأذى الذي يضيق الصدر به ولا يهتدي للمخرج منه {حريص} أي بليغ الحرص {عليكم} أي على نفعكم، والحرص: شدة طلب الشيء على الاجتهاد فيه، وقدم الجار لإفادة الاختصاص فقال: {بالمؤمنين} أي العريقين في هذا الوصف كافة خاصة، ولما ذكر الوصف المقتضي للرسوخ، قدم ما يقتضي العطف على من يتسبب له بما يقتضي الوصلة فقال: {رءوف} أي شديد الرحمة لمن له منه عاطفة وصلة لما تقدم من معنى الرأفة قريباً.

ولما كان المؤمن يطلق مجازاً على من يمكن منه الإيمان فوصلته الآن ليست بالفعل بل الإمكان، قال تعميماً لرحمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما هو اللائق بشريف منصبه وعظيم خلقه: {رحيم*} ولأجل مثل هذه الأغراض النفسية رتب سبحانه هذين الوصفين هكذا، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>