وهذا دليل على ختام الآية قبلها، وهاتان الآيتان المختتمتان - ب {لا يفقهون} التاليتان للأمر بالجهاد في قوله {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} الموازي - {انفروا خفافاً وثقالاً} الآية - قد احتوتا مع وجازتهما على حاصل أوصاف المنافقين التالية لآية {انفروا} المختتم ما هو العام منها في أهل الحاضرة في قوله {استأذنك أولوا الطول منهم} ب {يفقهون} ثم عند إعادة ذكرهم ب {لا يعلمون} وتصويب هاتين الآيتين إلى أهل الحاضرة ظاهر لكونهم ممن يحضر نزول الذكر كثيراً مع احتمالهما للعموم، والختم هنا ب {لا يفقهون} أنسب لأن المقام - وهو النظر في زيادة الإيمان بالنسبة إليهم - يقتضي فكراً وتأملاً وإن كان بالنظر إلى المؤمنين في غاية الوضوح.
ولما أمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبلغ هذه الأشياء الشاقة جداً من أمر هذه السورة، وكان من المعلوم أنه لا يحمل ذلك إلا من وفقه الله تعالى، وأما المنافقون فيكرهون ذلك وكان انصرافهم دالاً على الكراهة، عرفهم أن الأمر كان يقتضي توفر دواعيهم على محبة هذا الداعي لهم المقتضي لملازمته والبعد عما يفعلونه به من الانصراف عنه، وأن أحواله الداعية لهم إلى محبته أعظم من أحوال آبائهم التي أوجبت لهم منهم من المحبة وعليهم من الحقوق ما هم مفتخرون بالتلبس به والمغالاة فيه، وأن كل ما يحصل بهذا القرآن من العز