بإسقاط علامة التأنيث وسبب عنها قوله:{فأصبحوا في ديارهم جاثمين*} أي ساقطين على وجوههم، وقيل: جاثين على الركب موتى لا حراك بهم، وتقدم سر التعبير بالديار مع الصيحة والدار مع الرجفة في الأعراف، وخصت هود بما ذكر فيها لأن مقصودها أعظم نظر إلى التفصيل، وكل من الديار والصيحة أقرب إلى ذلك.
ولما كان الجثوم كناية عن الموت أوضحه بقوله:{كأن} أي كأنهم {لم يغنوا} أي يقيموا أغنياء لاهين بالغناء {فيها} ثم نبه - على ما استحقوا به ذلك لمن لعله يغفل فيسأل - بقوله مفتتحاً بالأداة التي لا تقال إلا عند الأمور الهائلة:{ألا إن ثموداً} قراءة الصرف دالة على الاستخفاف بهم لطيشهم في المعصية {كفروا ربهم} أي أوقعوا التغطية والستر على المحسن إليهم بالخلق والرزق والإرسال وهو الظاهر وبصفاته وأفعاله، فلا يخفى على أحد أصلاً، فإيصال الفعل دون قصره كما في أكثر أضرابه بيان لغلظة كفرهم؛ ثم كرر ذلك تأكيداً له وإعلاماً بتأبيد هلاكهم بقوله:{ألا بعداً لثمود*} ترك صرفهم في قراءة غير الكسائي إيذاناً بدوام لبثهم في الطرد والبعد؛ والصيحة: صوت عظيم من فم حي، والجثوم لدوام مكان واحد أو السقوط على الوجه، وقيل: القعود على الركب؛ وقال {أصبحوا} زيادة في التخويف والتأسيف