بما وقع لهم من التحسير لو أدركه أحد منهم لأن الإنسان يفرح إذا أصبح بقيامه من نومه مستريحاً قادراً على ما يريد من الحركات للاستمتاع بما يشتهي من التصرفات، فأصبح هؤلاء - بعد هذه الصفة على ما قص الله - خفوتا أجمعين كنفس واحدة رجالاً ونساء صغاراً وكباراً كأنهم بم يكونوا أصلاً، ولا أصدروا فصلاً ولا وصلاً كأنهم لم يكونوا للعيون قرة، ولم يعدوا في الأحياء مرة كأن لم يغنوا أي يقيموا لانقطاع آثارهم إلا ما بقي من أجسادهم الدالة على الخزي؛ والمغاني: المنازل، وأصل الغناء الاكتفاء؛ ومعنى «ألا» التنبيه؛ قال الرماني: وهي ألف الاستفهام دخلت على «لا» فالألف تقتضي معنى، و «لا» تنفي معنى، فاقتضى الكلام بهما معنى التنبيه مع نفي الغفلة - انتهى.
وكان حقيقته - والله أعلم - أن «لا» دخلت على ما بعدها فنفته، ثم دخلت عليها همزة الإنكار فنفتها، ومن المعلوم أن نفي النفي إثبات فرجع المعنى كما كان على أتم وجوه التنبيه والتأكيد، لأن إثبات المعنى بعد نفيه آكد من إثباته عرياً عن النفي ولا سيما إذا كان المفيد لذلك الإنكار، وهذا المعنى مطرد في ألا العرضية وهلا التخصيصية ونحوهما، ويمشي في كل صلة بأن تردها إلى أصل مدلولها في اللغة ثم تتصرف بما يقتضيه الحال -