من أبيض وأحمر وأصفر وغير ذلك، اختلافاً دالاً على أن فاعله مع تمام قدرته مختار، ثم أوضح ذلك بقوله تعالى:{فيه} أي مع كونه من الثمار النافعة والضارة {شفاء للناس} قال الإمام الرازي في اللوامع: إذ المعجونات كلها بالعسل، وقال إمام الأولياء محمد بن علي الترمذي: إنما كان ذلك لأنها ذلت لله مطيعة وأكلت من كل الثمرات: حلوها ومرها محبوبها ومكروهها، تاركة لشهواتها، فلما ذلت لأمر الله، صار هذا الأكل لله، فصار ذلك شفاء للأسقام، فكذلك إذا ذل العبد لله مطيعاً، وترك هواه، صار كلامه شفاء للقلوب السقيمة - انتهى.
وكونه شفاء - مع ما ذكر - أدل على القدرة والاختيار من اختلاف الألوان، لا جرم وصل به قوله تعالى:{إن في ذلك} أي الأمر العظيم من أمرها كله {لآية} وكما أشار في ابتداء الآية إلى غريب الصنع في أمرها، أشار إلى مثل ذلك في الختم بقوله تعالى:{لقوم يتفكرون *} أي في اختصاص النحل بتلك العلوم الدقيقة واللطائف الخفية بالبيوت المسدسة، والاهتداء إلى تلك الاجزاء اللطيفة