لا آباؤكم ولا ما وجدتموه عليه {أمتكم} أي مقصودكم أيها الخلق بالاقتداء في الاهتداء، حال كونها {أمة} قال البغوي: وأصل الأمة الجماعة التي هي على مقصد واحد - انتهى. وأكد سبحانه هذا المعنى فقال:{واحدة} كما في الخبر أنهم أولاد علات. أمهاتهم شتى ودينهم واحد. لا اختلاف بينهم أصلاً في التوحيد الذي هو الأصل ولا في توجيه الرغبات إلينا، وقصر النظر علينا، علماً منهم بما لنا من صفات الكمال، وأن كل شيء فإلينا مفتقر، ولدينا خاضع منكسر، فاتبعوهم في ذلك، لا تحيدوا عنهم تضلوا، وإنما فرقناهم وجعلناهم عدداً بحسب الأمم المتشعبة في الأزمان المتطاولة، وأنا لم نجعل لأحد منهم الخلد، ولغير من الحكم، فبثثناهم في الأقطار، حتى ملؤوها من الأنوار.
ولما كان المقصود تعيين المراد من غير لبس، عدل عن صيغة العظمة فقال:{وأنا ربكم} أي لا غيري، في كل زمان وكل مكان، لكل أمة، لأني لا أتغير على طول الدهر، ولا يشغلني شأن عن شأن {فاعبدون*} دون غيري فإنه لا كفوء لي.
ولما كان من المعلوم أنهم لم يفعلوا، أعرض إلى أسلوب الغيبة