إيذاناً بالغضب، فكان التقدير في جواب من كأنه قال: ما فعلوا؟ : لم يطيعوا أمري في الاجتماع على ما جمعتهم عليه من عبادتي التي هي سبب لجلب كل خير، ودفع كل ضير ولا افتدوا في ذلك بالكمّل من عبادي، فعطف عليه قوله {وتقطعوا} أي مخالفة للأمر بالاجتماع ولما كان الدين الحق من الجلاء والعظمة والملاءمة للنفوس بحيث لا يجهله ولا يأباه أحد نصح لنفسه وإن جهله، كفى أدنى تنبيه في المبادرة إليه وترك ما سواه كائناً ما كان، فكان خروج الإنسان عنه بعد أن كان عليه في غاية البعد فضلاً عن أن يتكلف ذلك بمنازعة غيره المؤدية إلى الافتراق والتباغض ولا سيما إن كان ذلك الغير قريبه أو صديقه، وكانت صيغة التفعل من القطع صريحة في التفرق، وتفيد العلاج والتكلف، وكانت تأتي بمعنى التفعيل والاستفعال، عبر بها.
ولما كان في غاية البعد أن يقطع الإنسان أمر نفسه، كان تقديم الأمر أهم فقال:{أمرهم} فنصبه بفعل التقطع لأنه بمعنى التقطيع كما قاله البغوي وغيره، أو بمعنى الاستفعال كما قالوا في تجبر وتكبر.
ولما كان في غاية من العجب أن يكون التقطيع واقعاً منهم بهم