المحسن إلينا أجمعين؛ ثم وصفه بقوله:{الرحمن} أي العام الرحمة لنا ولكم بإدرار النعم علينا، ولولا عموم رحمته لأهلكنا أجمعين وإن كنا نحن أطعناه، لأنا لا نقدره حق قدره {لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والحاصل أنه لما سأل {الحق} المراد به الهلاك للعدو والنجاة للولي، أفرد الإضافة إشارة إلى تخصيصه بالفضل، وإفرادهم بالعدل، ولما سأل العون عم بالإضافة والصفة قنوعاً بترجيح جانبه بالعون وإن شملتم الرحمة، ولأن من رحمتهم خليتهم عما هم عليه من الشر فقال:{المستعان} أي المطلوب منه العون وهو خبر المبتدأ موصوف {على ما تصفون*} مما هو ناشىء عن غفلتكم الناشئة عن إعراضكم عن هذا الذكر من الاستهزاء والقذف بالسحر وغيره، والمناصبة بالعداوة والتوعد بكل شر، فقد انطبق آخر السورة على أولها بذكر الساعة رداً على قوله {اقترب للناس حسابهم} وذكر غفلتهم وإعراضهم وذكر القرآن الذي هو البلاغ، وذكر الرسالة بالرحمة لمن نسبوه إلى السحر وغيره، وتفصيل ما استعجلوا به من آيات الأولين وغير ذلك، وقام الدليل بالسمع بعد العقل على تحقق أمر الساعة بأنه سبحانه لا شريك له يمنعه من ذلك، وأنه يعلم السر وأخفى، وهو رحمن، فمن رحمته إيجاد يوم الدين ليجازي فيه المحسن بإحسانه،