ولما أثبت له بهذا التفويض من الشرف ما لا يبلغ وصفه، أفهمهم أن حال المستأذن قاصرة عن حال المفوض الملازم كيفما كانت، فقال:{واستغفر لهم الله} أي الذي له الغنى المطلق، فلا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، أو يكون الكلام شاملاً لمن صحت دعواه وغيره؛ ثم علل ذلك ترغيباً في الاستغفار، وتطييباً لقلوب أهل الأوزار، بقوله:{إن الله} أي الذي له صفات الكمال {غفور} أي له هذا الوصف فهو جدير بأن يغفر لهم ما قصروا فيه {رحيم*} أي فكل ما أمرهم به فهو خير لهم وإن تراءى لهم خلافه.
ولما أظهرت هذه السورة بعمومها، وهذه الآيات بخصوصها، من شرف الرسول ما بهر العقول، لأجل ما وقع للمنافق من التجرؤ على ذلك الجناب الأشم، والمنصب الأتم، وعلم منه أن له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل أمره وجميع شأنه خصوصية ليست لغيره، صرح بذلك تفخيماً للشأن، وتعظيماً للمقام، ليتأدب من ناضل عن المنافق، أو توانى في أمره فقصر عن مدى أهل السوابق، فقال منبهاً على أن المصائب سبب لإظهار المناقب أو إشهار المعايب {لا تجعلوا} أي ايها الذين آمنوا {دعاء الرسول} أي لكم الذي يوقعه {بينكم}