ولو على سبيل العموم، في وجوب الامتثال {كدعاء بعضكم بعضاً} فإن أمره عظيم، ومخالفته استحلالاً كفر، ولا تجعلوا أيضاً دعاءكم إياه كدعاء بعضكم لبعض بمجرد الاسم، بل تأدبوا معه بالتفخيم والتبجيل والتعظيم كما سن الله بنحو: يا ايها النبي، ويا أيها الرسول، مع إظهار الأدب في هيئة القول الفعل بخفض الصوت والتواضع.
ولما كان بعضهم يظهر المؤالفة، ويبطن المخالفة، حذر من ذلك بشمول علمه وتمام قدرته، فقال معللاً مؤكداً محققاً معلماً بتجديد تعليق العلم الشهودي كلما جدد أحد خيانة لدوام اتصافه بإحاطة العلم من غير نظر إلى زمان:{قد يعلم الله} أي الحائز لجميع صفات المجد إن ظننتم أن ما تفعلونه من التستر يخفي أمركم على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو سبحانه يعلم {الذين يتسللون} وعين أهل التوبيخ بقوله: {منكم} أي يتكلفون سلَّ أنفسهم ليجعلوا ذهابهم في غاية الخفاء {لواذاً} أي تسللاً مستخفين به بتستر بعضهم فيه ببعض؛ يقال: لاذ بالشيء لوذاً ولواذاً وملاوذة: استتر وتحصن، فهو مصدر لتسلل من غير لفظه، ولعله أدخل «قد» على المضارع ليزيد أهل التحقيق تحقيقاً، ويفتح لأهل الريب إلى الاحتمال طريقاً، فإنه يكفي في الخوف من النكال طروق الاحتمال؛ وسبب عن علمه قوله: