كذب بها الجاهلون {يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}[المؤمنون: ٦٠] وقدموا الدعاء بالنجاة اهتماماً بدرء المفسدة، وإشعاراً بأنهم مستحقون لذلك وإن اجتهدوا، لتقصيرهم عن أن يقدروه سبحانه حق قدره فقال:{والذين يقولون ربنا} أي أيها المحسن إلينا {اصرف عنا عذاب جهنم} الذي أحاط بنا لا ستحقاقنا إياه إلا أن يتداركنا عفوك ورحمتك، بما توفقنا له من لقاء من يؤذينا بطلاقة الوجه، لا بالتجهم، ثم علل سؤالهم يقولهم:{إن عذابها كان} أي كوناً جبلت عليه {غراماً*} أي هلاكاً وخسراناً ملحاً محيط بمن تعلق به مذلاً له، دائماً بمن غرى به، لازماً له لا ينفك عنه ونحن كنا نسير على من آذانا.
ولما ثبت لها هذا الوصف، أنتج قوله:{إنها ساءت} أي تناهت هي في كل ما يحصل منه سوء، وهي في معنى بئست في جميع المذام {مستقراً} أي من جهة موضع استقرار {ومقاماً*} أي موضع إقامة.