حتى صار خلقاً له، وفي إسقاط الواسطة إشارة إلى أنه - لشدة إلقائه السمع وإحضاره الحس - يصير في تمكنه منه بحيث يحفظه فلا ينسى، ويفهمه حق فهمه فلا يخفى، فدخوله إلى القلب في غاية السهولة حتى كأنه وصل إليه بغير واسطة السمع عكس ما يأتي عن المجرمين، وهكذا كل من وعى شيئاً غاية الوعي حفظه كل الحفظ، انظر إلى قوله تعالى {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً}[طه: ١١٤]{لا تحرك به لسانك لتعجل به}[القيامة: ١٦] .
ولما كان السياق في هذه السورة للتحذير، قال معللاً للجملة التي قبله:{لتكون من المنذرين*} أي المخوفين المحذرين لمن أعرض عن الإيمان، وفعل ما نهى عنه من العصيان.
ولما كان القصد من السورة التسلية عن عدم إيمانهم بأنه لسفول شأنهم، لا لخلل في بيانه، ولا لنقص في شأنه، قال تعالى موضحاً لتمكنه من قبله:{بلسان عربي} . ولما كان في العربي ما هو حوشي لفظاً أو تركيباً، مشكل على كثير من العرب، قال:{مبين*} أي بين في نفسه كاشف لما يراد منه غير تارك لبساً عند من تدبره