للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يبلغ كنه قبحها ولا يصدق ذو عقل أن أحداً يفعلها، فقال معيناً لما أبهم: {أئنكم لتأتون} وقال: {الرجال} تنبيهاً على بعدهم عما يأتونه إليهم، ثم علله بقوله: {شهوة} إنزالاً لهم إلى رتبة البهائم التي ليس فيها قصد ولد ولا عفاف؛ وقال: {من دون} أي إتياناً مبتدئاً من غير، أو أدنى رتبة من رتبة {النساء} إشارة إلى أنهم أساؤوا من الطرفين في الفعل والترك.

ولما كان قوله: {شهوة} ربما أوهم أنهم لا غنى بهم عن إتيانهم للشهوة الغالبة لكن النساء لا تكفيهم، لذلك نفى هذا بقوله: {بل} أي إنكم لا تأتونهم لشهوة محوجة بل {أنتم قوم} ولما كان مقصود السورة إظهار العلم والحكمة، وكانوا قد خالفوا ذلك إما بالفعل وإما لكونهم يفعلون من الإسراف وغيره عمل الجهلة، قال: {تجهلون*} أي تفعلون ذلك إظهاراً للتزين بالشهوات فعل المبالغين في الجهل الذين ليس لهم نوع علم في التجاهر بالقبائح خبثاً وتغليباً لأخلاق البهائم، مع ما رزقكم الله من العقول التي أهملتموها حتى غلبت عليها الشهوة، وأشار إلى تغاليهم في الجهل وافتخارهم به بما سببوا عن ذلك بقوله: {فما كان جواب قومه} أي لهذا الكلام الحسن لما لم يكن لهم حجة في دفعه بل ولا شبهة {إلا أن} صدقوه في نسبته لهم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>