سميت بذلك إشارة إلى عظيم القدرة عليها مع كثرة الخلائق على ما فيهم من العظماء والكبراء والرؤساء {يبلس} أي يسكت ويسكن يأساً وتحيراً على غاية الذل - بما أشار إليه تذكير الفعل مع التجدد والاستمرار بما أومأ إليه المضارع {المجرمون*} الذين وصلوا من الدنيا ما من حقه أن يقطع لفنائه، وقطعوا من أسباب الآخرة ما من حقه أن يوصل لبقائه، وكانوا في غاية اللبس في الجدل ومعرفة كل ما يغيظ الخصم من القول والفعل والتمايل والتضاحك عند سكوت الخصم تعجباً من جريانهم في هذيانهم سروراً منهم بإسكاته ليظن بعض من رآه أنه انقطع وأن الحجة لهم.
ولما كان الساكت ربما أغناه عن الكلام غيره، نفى ذلك بقوله محققاً له بجعله ماضياً:{ولم يكن} ولما كان المقام لتحقيرهم بتحقير شركائهم رتب نفي النفع الموجع لهم هذا الترتيب، ويجوز أن يراد بترتيبه مع ذلك التخصيص فيقال:{لهم} أي خاصة في ذلك الوقت ولا بعده، ولا كان في عداد ذلك من قبل لو كانوا يعقلون، وأما غيرهم ممن يصح وصفه بالإجرام لكونه من أهل الشرك الخفي فقد يشفع فيه من رباه من الشهداء والعلماء وعامة المؤمنين {من شركائهم} الذي زعموهم خاصة ليتبين لهم خلطهم وجهلهم المفرط في قولهم: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله} [