وجه الخطاب لأنهم لم يرجعوا بعد الوضوح إيذاناً باستحقاق شديد الغضب والعذاب، فقال معجباً عاطفاً على ما تقديره: وأما غير الصبار الشكور فلا يرون ما في ذلك من الآيات في حال رخائهم: {وإذا غشيهم} أي علاهم وهم فيها حتى صار كالمغطى لهم، لأنه منعهم من أن تمتد أبصارهم كما كانت {موج} أي هذا الجنس، ولعله أفرده لأنه لشدة اضطرابه وإيتانه شيئاً في أثر شيء متتابعاً بركب بعضه كأنه شيء واحد، وأصله من الحركة والازدحام {كالظلل} أي حتى كان كأطراف الجبال المظلمة لمن يكون إلى جانبها، وللإشارة إلى خضوعهم غاية الخضوع كرر الأسم الأعظم فقال:{دعوا الله} أي مستحضرين لما يقدر عليه الإنسان من كماله بجلاله وجماله، عالمين بجميع مضمون الآية السالفة من حقيته وعلوه وكبره وبطلان ما يدعون من دونه {مخلصين له الدين} لا يدعون شيئاً سواه بألسنتهم ولا قلوبهم لما اضطرهم إلى ذلك من آيات الجلال، وقسرهم عليه من العظمة والكمال، واقتضى الحال في سورة الحكمة حذف ما دعوا به لتعظيم الأمر فيه لما اقتضاه من الشدائد لتذهب النفس فيه كل مذهب.
ولما كان القتل بالسيف أسهل عندهم من أن يقال عنهم: إنهم