خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال: قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن وهؤلاء الذين جلسوا - والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما هو عليه من الكراهة لجلوسهم بما ذكر من هيئته في حيائه وتهيئه للقيام ونحو ذلك - لم يستثمروا الفقه من أحواله، بل كانوا واقفين عندما يسمعونه من مقاله، وطريقة الكمل الاستبصار برسمه وحاله كما يستبصرون من قاله وفعاله، قال الحرالي: الحال كل هيئة تظهر عن انفعال باطن، ويختص بتفهمها المشاهد المتوسم، وذلك كضحكه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذي رآه يوم خيبر وقد أخذ جراب شحم من فيء يهود وهو يقول: لا أعطي اليوم من هذا أحداً شيئاً، وكتغير وجهه لعمر رضي الله عنه لما أخذ يقرأ عليه صحيفة من حكم الأولين حتى نبه عمر رضي الله عنه من توسم في وجهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكراهة لفعل عمر، وإنباء كل حال منها يحسب ما يفيده الانفعال من الانبساط والانقباض والإعراض ونحو ذلك مما يتوسمه المتفطن، ويقطع بمقتضاه المتفهم، وأما الرسم فهو كل ما