شأنه البقاء بعد غيبته ووفاته، فيتفهم منه المعتبر حكم وضعه ومقصد رسمه، كالذي يشاهد من هيئة بنائه مسجده على حال اجتزاء بأيسر ممكن وكبنائه بيوته على هيئة لا تكلف فيها، ولا مزيد علة مقدار الحاجة، وكمثل الكساء الملبد الذي تركه، وفراشه ونحو ذلك من متاع بيوته، وكما يتفهم من احتفاله في أداة سلاحه مثل كون سيفه محلى بالفضة وقبضته فضة، ومثل احتفاله بالتطيب حتى كان يرى في ثوبه وزره، فيتعرف من رسومه أحكامه، كما يتعرف من أحواله وأفعاله وأقواله، وذلك لأن جميع هذه الإبانات كلها هي حقيقة ما هو الكلام - انتهى.
وبرهان ذلك أن الأصل في الكل الكلام النفسي الذي هو المنشأ، والقول والفعل والحال والرسم مترجمة عنه، وليس بعضها أحق بالترجمة من بعض، نعم بعضها أدل من بعض وأنص وأصرح، فتهيؤ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للقيام من بيته مثل لو قال: أريد أن تذهبوا، فإنه يلزم من قيام الرجل من بيته الذي هو محل ما يستره عن غيره أن يريد ذهاب، غيره منه لئلا يطلع على ما لا يحب أن يطلع عليه أحد، وإتيانه ليدخل فإذا رآهم رجع مثل لو قال: إنما يمنعني من الدخول إلى محل راحتي جلوسكم