على الساعة التي ينكرونها ويجادلون في أمرها، قدم الخلق على التهليل فقال:{خالق كل شيء} أي بما ثبت من تمام قدرته بإبداع الخافقين ثائبين والملوين متعاقبين دائبين، ولا مانع له من إعادة الثقلين لأنه {لا إله إلا الله} بل كان ذلك واجباً في الحكمة، لأن المنعم عليهم انقسموا إلى شاكر وكافر، فوجب في الحكمة إقامة الساعة للفصل بينهم، وجاء ذلك على ترتيب مطلع السورة، فإن العزيز ناظر إلى كمال القدرة على الإيجاد والإعدام، والعليم هو المتوحد بكمال الذات، فإن إحاطة العلم تستلزم كل كمال، والقدرة قد لا تستلزم العلم كما للحيوانات العجم، وهذا بخلاف ما مضى في آية الأنعام، فإن السياق هناك لإنكار الشرك وإثبات الوحدانية بما دل عليها من عموم الخلق طبق ما مضى أيضاً في مطلعها.
ولما أنتجت هذه الأخبار - التي كل منها مقرر لما قبله بكونه كالعلة له - الوحدانية المطلقة اللازم منها كل كمال، سبب عنها قوله منكراً مبكتاً:{فأنى} أي فكيف ومن أي وجه {تؤفكون *} أي تقلبون عن وجوه الأدلة إلى أقفائها فتعبدون الأوثان وتجادلون في الساعة التي يلزم من الطعن فيها الطعن في الحكمة التي الطعن فيها طعن في الإلهية التي الطعن فيها طعن في وجود هذا الوجود ومكابرة فيه، وذلك مؤدٍ إلى سقوط المتكلم به بكل اعتبار لمكابرته في المشاهد