{أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} وما شاكلها، وفي الأنفس في آيات {فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود والذي من بعدهم} ونحوها، وآيات {لا يسئم الإنسان من دعاء الخير} إلى آخرها الدالة على أن الإنسان مبني أمره على الجهل والعجز، فأكثر ما يتصوره ليس كما تصوره، فعليه أن يتأمل كتاب ربه ويتدبره - والله أعلم، قال الرازي في اللوامع: الاستدلال بالأفعال على فاعلها واضح وطريق لائح، والأفعال على قسمين أحدهما الآفاق وهو جملة العالم، والثاني النفوس، فإن من عرف نفسه عرف ربه أي من عرف روحه وكونها جوهراً متصرفاً في البدن تصرف التدبير وعلم صفاتها من أنها باقية بغير البدن لا يحتاج في قوامها إلى البدن بل البدن محتاج إليها وأنها محل المعرفة فمن عرف أمثال هذه المعارف عرف ربه وصفاته من وحدانيته وعلمه وقدرته وإرادته وتصرفه في جملة العالم يعني وأن وجوده تعالى مباين وجود غيره.
ولما كان التقدير: ولا نزال نواتر ذلك شيئاً في أثر شيء، عطف عليه قوله:{حتى يتبين لهم} غاية البيان بنفسه من غير إعمال فكر {أنه} أي القرآن {الحق} الكامل في الحقية الذي تطابقه الوقائع