إلى وصف الإحسان إيذاناً بالرفق بهم بردِّهم إليه دون ارتكابهم ما يوجب نكالهم وإهلاكهم واستئصالهم:{بربك} أي المحسن إليك بهذا البيان المعجز للإنس والجان شهادة بأنه من عنده {أنّه} أي أو لم يكف شهادة ربك لأنه {على كل شيء شهيد *} لا يغيب عنه شيء من الأشياء، لا هذا القرآن ولا غيره، وقد شهد لك فيه بإعجازه لجميع الخلق بكل ما تضمنته آياته، ونطقت به كلماته، ففيه أعظم بشارة بتمام أمر الدين وظهوره على المعتدين، وذلك لأن كل أحد يجد في نفسه أنه إذا أراد ثبوت حق ينكره من هو عليه لصاحب الحق من الشهود ما يتحقق قولهم فيه ووصوله بهم إليه أنه يكون مطمئناً لا ينزعج بالجحد علماً منه بأن حقه لا بد أن يظهر ويخزي معانده ويقهر، وفي هذا تأديب لكل من كان على حق ولا يجد من يساعده على ظهوره فإن الله شاهده فلا بد أن يظهر أمره فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
ولما لم يبق بعد هذا لمتعنت مقال، ولا شبهة أصلاً لضال، كان موضع المناداة على من استمر على عناده بقوله مؤكداً لادعائهم إنهم على جلية من أمرهم، {ألا إنهم} أي الكفرة {في مرية} أي جحد وجدال وشك وضلال عن العبث {من لقاء} وصرف القول