على ذلك ومدار آيها، يلح لك وجه اتصالها بما قبلها والتحامها بما جاورها.
ولما ختمت سورة السجدة بقوله تعالى {إلا أنهم في مرية من لقاء ربهم} أعقبها سبحانه بتنزيهه وتعاليه عن ريبهم وشكهم، فقال تعالى {تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن} كما أعقب بمثله في قوله تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدا تكاد السماوات يتفطرن منه ولما تكرر في سورة حم السجدة ذكر تكبر المشركين وبعد انقيادهم في قوله تعالى {فأعرض أكثرهم وقالوا قلوبنا في أكنة} إلى ما ذكر تعالى من حالهم المنبئة عن بعد استجابتهم فقال تعالى في سورة الشورى {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} - انتهى.
ولما أخبر سبحانه أنه صاحب الوحي بالشرائع دائماً قديماً وحديثاً، علل ذلك بأنه صاحب الملك العام فقال:{له ما في السماوات} أي من الذوات والمعاني {وما في الأرض} كذلك. ولما كان العلو مستلزماً للقدرة قال:{وهو العلي} أي على العرش الذي السماوات فيه علو رتبة وعظمة ومكانة لا مكان وملابسة، فاستلزم ذلك أن تكون له السماوات كلها والأراضي كلها مع ما فيها {العظيم *} أي فلا يتصور شيء في وهم ولا يتخيل في عقل إلا وهو أعظم منه بالقهر والملك، فلذلك يوحي إلى من يشاء بما يشاء من إقرار وتبديل، لا اعتراض لأحد عليه.